الاثنين، 19 ديسمبر 2011

نبوخذ نصر

نبوخذ نصر 
ملك بابل 
(605 ق.م - 563 ق.م) 



نبوخذ نصر الثاني أو بختنصر أو بختنصر الكلدي هو نبوخذنصر بن نبوبلانصر (605-563)ق.م أشهر ملوك الدولة البابلية الحديثة قاد الجيوش البابلية في معارك حاسمة على منطقة بلاد الشام ودمر عدة ممالك منها مملكة يهوذا في حملتين وسبا الكثيرين من سكان منطقة بلاد الشام إلى بابل. 


صفاته

يعتبر نبوخذ نصر قائداً عالمياً عبر التاريخ، كان يستفيد كثيراً باستخدام الشعوب التي يحتلها مستخدماً ذكاءه، كان يستنفذ كل الإمكانيات البشرية والمادية للشعوب التي يستولي عليها لحد التحكم بحياتهم ،إلا أنه امتاز بتسامحه الديني وحرية الفكر وكان يسمح للشعوب المحتلة أن تعبد الآلهتها، وكان يشارك الشعوب طقوسهم الدينية ويحترم ألهتهم، يعتبر أعظم ملوك بابل وقد اشتهر بلقب (مقيم المدن) فقد كان فاتحاً للمدن لا غازياً، وقد امتاز بأنه يعتمد على مشورة مستشاريه وقد أعترف بمقولته المشهورة ((
أسرته : وهو نبوخذ نصر الثانى ، الملك الوحيد بهذا الاسم الذي جاء ذكره مراراً في الكتاب المقدس لأهمية دوره في التاريخ الكتابي - كما سبق التنويه . ويذكر باسم " نبوخذ راصر " فى نبوتى إرميا وحزقيال . وهو ابن نبوبولاسر ملك بابل ، وقد تزوج امرأتين : " اميتيس " ابنة استياجس ملك الماديين ، ونيتوكريس التى ولدت لــــــه " نبونيدس " وتذكر الآثار أنه كان له ثلاثة أبناء ، أولهما " اويل مرودخ " الذي خلفه (2مل 25 :27) .

(2) مصادر تاريخه : لقد تم اكتشاف أكثر من 500 لوحة مؤرخة بالأيام والشهور والسنين من ملكه . كما يوجد نحو ثلاثين مبنى تحمل نقوشاً تشيد باسمه ، غالبيتها على أحجار اسطوانية أو على الطوب ، بما فى ذلك لوحة " بيت الهند الشرقى " ، وهي عبارة عن لوح من البازلت الأسود عليه 621 سطراً تصف تحصينه لبابل ، وإعادة بناء القصر القديم ، وبناء قصر جديد . كما أن هنـــــــاك 720 ( سبعمائة وعشرين ) سطراً فى نقش وادى برسَّا فى سورية ، تسجل غزواته للبنان ، ونقل بعض أشجار الأرز منها إلى بابل . كما نشر - من عهد قريب - د.ج . ويزمان لوحات مسجل عليها تاريخ الاثنتي عشرة سنة الأولى من حكمه ، سنة بعد سنة . ومن المراجع الأخرى الهامة لتاريخه ، أسفار العهد القديم ( الملوك الثانى ، وأخبار الأيام الثانى ، وإرميا ، وحزقيان ، ودانيال ) وبعض كتابات المؤرخين المتأخرين التى ذكرها يوسيفوس ويوسابيوس .

(3) التاريخ السياسي له : كان نبوخذ نصر الثانى - بلا منازع - أعظم ملوك الإمبراطورية البابليـــة الثانيـــة ( 626 - 539 ق.م. ( ، والتى حكمها مدة 43 سنة ( 605 - 562 ق.م. ) وأبوه هو "نبو بولاسار" ، الذي تحدي جيوش أشور المتداعية ، واستقل بعرش بابل في 23 نوفمبر سنة 626 ق.م . وبعد أن تم تدمير نينوى فى 612 ق.م. على يد الجيوش المتحالفة من بابل ومادي ، نقلت أشور عاصمتها غرباً إلى حاران التى احتلها نبوبولاسار في 610 ق.م. بدون عناء كبير ، ولم نعد نسمع شيئاً عن آشور بعد 609 ق.م.

وكانت النتيجة المباشرة لانهيار آشور ، هو استعادة مصر لسيطرتها على يهوذا لفترة قصيرة ، فأصبح نخو الثانى فرعون مصر ( 609 - 593 ق. م. يخلع ملوك يهوذا ويولي من يشاء ، إلى أن حدثت موقعة كركمــــــيش ( إش 10: 9 ، إرميا 46 : 2 ) التى هزمت فيها جيوش بابل بقيادة نبوخذ نصر ، ولي عهد مملكة بابل ، القوات المصرية ( يمكن الرجوع إلى "كركميش " فى موضعها من الجزء السادس من دائرة المعارف الكتابية ) .

وعن طريق الألواح البابلية المكتشفة حديثاً ( والمذكورة آنفاً ) يمكننا تحديد التاريخ الذى حدثت فيه موقعة كركميش بأكثر دقة ( مايو / يونيو 605 ق.م. ) . وتبدو أهمية هذه المعركة فى ما جاء عنها فى نبوة إرميا ( 46 : 2 – 12 ) ، وكتابات يوسيفوس ، إذ بها زال نفوذ مصر فى فلسطين ، كما بدأ نجم نبوخذ نصر فى البزوغ . وفى 16 أغسطس سنة 605 ق.م. توفى نبوبولاسار ، وحالما بلغ الخبر نبوخذ نصر، تخلى عن مطاردة فلول الجيش المصرى ، وهرع إلى بابل للاستيلاء على العرش ، وتم تتويجه فى 7 سبتمبر سنة 605 ق.م. وعاد بعد ذلك إلى قيادة جيشه فى الغرب واستأنف فتوحاته فى سورية .

وما حل عام 603 ق.م. حتى كان نبوخذ نصر قد أصبح سيداً لكل سورية وفلسطين ، ونقل يهوياقيم - ملك يهوذا - ولاءه من مصر إلى ملك بابل ( 2 مل 24 : 1 .( ودمر نبوخذ نصر أشقلون ) فى فلسطين ( فى طريق عودته إلى بابل فى فبراير 603 ق.م. وتوجد بردية بالأراميــــــــة ( محفوظة بالمتحف المصرى بالقاهرة تحت رقم 86684 ) عبارة عن خطاب من حاكم أشقلون ( قبل تدميرها ) إلى فرعون مصر طلبا للنجدة .

وزحف نبوخذ نصر مرة أخرى إلى مصـــــــر فى 601 ق.م. وتقابل مع الجيوش المصرية قرب حدود مصر في معركة غير فاصلة ، خسر فيها كلا الطرفين خسارة كبيرة . ومن الجلي أن يوياقيم رآها فرصة سانحة للتمرد على بابل والامتناع عن دفع الجزية ( 2مل 24 : 1 ) . ورغم هذه الظروف غير المواتية ، فإن نبوخذ نصر لم يكن ليسمح ليهوذا بالمروق عن طاعته ، فدفع غزاة من المرتزقة مع غزاة من جيشه لمهاجمة يهوذا ( 2 مل 24 : 2 ) .

ثم زحف نبوخذ نصر بالقوات الرئيسية من جيشه على يهوذا ( 2 مل 24 : 10 و 11 ) فى ديسمبر 598 ق.م. ويقول كاتب الحوليات البابلية عن أحداث 597ق.م. إن نبوخذ نصر حاصر مدينة يهوذا ( أورشليم ) ، وفى اليوم الثانى من شهر أذار ( 16 مارس ) فتح المدينة وأسر الملك ( يهوياكين ) وأقام على عرش يهوذا متنيا ( عم يهوياكين ) ودعاه " صدقيا " . وكان الملك يهوياقيم قد مات في نفس الشهر الذى بدأ فيه نبوخذ نصر الزحف على يهوذا ، وذلك في ضوء حقيقة أن ابنه يهوياكين ( 2 مل 24: 6 ) لم يملك سوى ثلاثة أشهر وعشرة أيام ( 2 أخ 36 : 9 ) ، وإن كان سفر الملوك ( 2 مل 24 : 8 ) يذكر المدة بالتقريب على أنها ثلاثة أشهر ، قبل حصار نبوخذ نصر لأورشليم فى ديسمبر 598 ق.م. .

وقد سار نبوخذ نصر على نهج أسلافه من ملوك أشور منذ عهد تغلث فلاسر الثالث ، فى نقل الملك يهوياكين وأسرته ورجال حاشيته ورؤسائه - وكل من كان يحتمل أن يثير مقاومة - إلى بابل ، ولم يترك إلا مساكين شعب الأرض ( 2 مل 24: 12- 16 ، 2 أخ 36: 10 و إرميا 22 : 24 - 30 ، 52 : 28 ) . كما أمر نبوخذ نصر بإحضار رهائن من النسل الملكي ومن الشرفاء ، الذين كان منهم دانيال وأصحابه الثلاثة ( دانيال 1 : 1 - 7 ) كما أخذ نبوخذ نصر خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك . وكسَّر كل آنية الذهب التى عملها سليمان ملك إسرائيل فى هيكل الرب ، وسبى " كل الرؤساء وجميع جبابرة البأس ... وجميع الصنّاع والأقيان " ( 2مل 24: 13و 14 ) .

كان يمكن أن يظل صدقيا موالياً لنبوخذ نصر لو لم تطرأ عدة عوامل - خارج إرادته - علـــى الموقف السياسي . فقد ظل عدد كبير من اليهود - سواء في أورشليم أو في بابل - يعتبرون يهوياكين الملك الشرعى ، والنبى حزقيال نفسه كشف عن مشاعره الحقيقية فى هذا الصدد بأن أرخ لنبوته " بالسنة الخامسة من سبي يهوياكين الملك " ( حز 1 : 1و2 ).

ورغم هزيمة مصر في كركميش - التى أضعفتها كثيراً - فإنها ظلت تمارس بعض النفوذ فى شئون الشرق الأوسط ، علاوة على انتشار التمرد ضد بابل ، ليس في أورشليم وحدها ( رغم تحذيرات النبي إرميا لشعبه من التمرد عليها ) ، بل أيضاً بين شعب نبوخذ نصر نفسه . وفى 595/594 ق.م. وجد نبوخذ نصر أنه من المحتم عليه أن يبقى في بابل لإخماد تمرد محلي فيها . وفي السنة التالية أعلن حننيا - النبي الكذاب في أورشليم - أنه في غضون سنتين سيرجع كل الذين سباهم نبوخذ نصر إلى بابل ( إرميا 28: 1 - 4 ) ، ولعل حننيا بلغه شيء عن التمرد الحادث في بابل ، ورأي فيه علامة على أن التمرد سيتسع . على أي حال فقد أعلن إرميا كذب أقوال حننيا ، ونصح المسبيين بأن يواصلوا حياتهم بهدوء في بابل ، لأن الرب قد أعلن له أن إقامتهم في بابل ستطول ( إرميا 29 : 1 - 23 ) .

واستمع صدقيا ملك يهوذا لمشورة إرميا الحكيمة ، بعض الوقت . ويبدو مما جاء فى نبوة إرميا ( 51 : 59 ) أنه في نفس السنة التى أعلن فيها حننيا نبوته الكاذبة - والأرجح أنه نتيجة لها - استدعى نبوخذ نصر صدقيا إلى بابل ليتأكد من مدى ولائه له ومن الواضح أن نبوخذ نصر اقتنع بأقوال صدقيا ، فأبقاه على عرش يهوذا . ولكن صدقيا وجد نفسه - في السنوات التالية - غير قادر على مقاومة حزب المتشيعين لمصر من شعبه ، والمعارضين لبابل ، مما جعله - رغم نصيحة إرميا ( 2 أخ 36: 12، إرميا 21 : 1 - 7 ، 37 : 3-17 - 20 ، 38: 14 - 23 ) يتمرد على بابل ( 2 مل 24 : 20 ، 2 أخ 36 : 13 - 16 ، إرميا 52 : 3 ) .

وفى يناير 588 ق.م. كان نبوخذ نصر يحاصر بجيشه أورشليم ( 2 مل 25 : 1 ، إرميا 39 : 1 ، 52 : 4 ، حز 24 : 1 و 2 ) . وكان جيش بابل قد استولى على مدن يهوذا الحصينة ، الواحدة تلو الأخرى ، حتى إنه عندما كان يحاصر أورشليم ، لم يكن باقياً من مدن يهوذا سوى لخيش وعزيقة ( إرميا 34 : 6 و 7 ) .

وتصوِّر رسائل لخيش التى تتكون من 21شقفة من الفخار، والتى وجدت فى " تل الدوير " ( لخيش الكتابية) فى 1935 و 1938، مدى الرعب الذي اجتاح يهوذا فى أيامها الأخيرة . وكان البصيص الوحيد من الرجاء - في وسط الظروف التي تدعو إلى اليأس - هو انسحاب القوات البابلية وقتياً من حول أورشليم ، لمواجهة زحف الجيش المصري ( إرميا 37: 5 و 11 ) ، والأرجــح أنه كان بقيادة " أبريس " ( حفرع ) فرعون مصر (589 - 570 ق.م. ) ولكن لم يكن ذلك إلا لوقت قصير ، إذ سرعان ما أجبر البابليون جيش مصر على التراجع ، واستأنفوا حصارهم لأورشليم .

وصمدت المدينة على مدى ثلاثين شهراً ، ولكن أخيراً استطاعت جيوش بابل المتفوقة أن تقتحم أسوارها في يوليو 586 ق.م. فى السنة التاسعة عشرة من حكم نبوخذ نصر ( 2 مل 25 : 1 - 4 و 8 ، إرميا 39 : 2 ، 52 : 5 - 7 و 14 ) . وحاول صدقيا والبعض من جيشه أن يهرب ليلاً ، ولكن أُلقي القبض عليه بالقرب من أريحا . وأُخذ صدقيا إلى نبوخذ نصر ، إلى ربلة على نهر العاصي ، وهناك قتلوا أبناءه أمام عينيه ، ثم قلعوا عينيه وقيدوه بسلسلتين من نحاس وجاءوا به إلى بابل ( 2 مل 25 : 5 - 7 ، إرميا 39 : 4 - 8 ، 52 : 8 - 11).

ثم جاء نبوزردان رئيس حرس نبوخذ نصر إلى أورشليم ليستكمل نهب المدينة والهيكل ويحرقهما ويسبي أهلها ، ولم يترك وراءه إلا الفقراء ( 2 مل 25 : 8 - 17 ، 2 أخ 36 : 17 - 20 ، إرميا 39 : 9 و 10 ، 52 : 12 - 23) .

وبعد تدمير أورشليم ، عيَّن نبوخذ نصر " جدليا بن أخيقام " والياً على يهوذا ، ولكن سرعان ما تآمر عليه الباقون من الحزب المعارض لبابل ، وعندما حانت لهم الفرصة اغتالوه في المصفاة ، وقتلوا معه عدداً من اليهود والكلدانيين الذين كانوا معه في المصفاة ( 2 مل 25 : 22 - 25 ، إرميا 40 : 7 - 41 : 3 ) .

وهرب رأس المؤامرة ، إسماعيل بن نثنيا ( من النسل الملكى ) ومعه ثمانــــية رجال إلى بنى عمون (إرميا 41 : 15 ) ، بينما هربت جماعة أخرى - خوفاً من انتقام بابل - إلى مصر ( 2 مل 25 : 26 ، إرميا 41 : 16 - 18) آخذين إرميا النبي معهم ( إرميا 43 : 5 - 7 ) .

أما الدفعة الثالثة والأخيرة من المسبيين ، فقد أُخذت فى 582 ق.م. ( إرميا 52 : 30 ) ، ويبدو أنها كانت حملة تأديبية أرسلها نبوخذ نصر إلى يهوذا عقب مقتل جدليا .

أما الملك صدقيا الذي قلعوا عينيه ، فقد ظل يعانى فى سجنه إلى أن مات أخيراً ( 2 مل 25 : 7 مع حز 12 : 13 ) . ولكن كان يهوياكين - إلى حد ما - أسعد حظاً ، ففى 562 ق.م. أطلق أويل مرودخ ملك بابل ( وابن نبوخذ نصر وخليفته ) سراحه ، وجعله أحد رجال حاشيته ( 2 مل 25 : 27 - 30 ، إرميا 52 : 31 - 34 ) . وكان يهوياكين - قبل ذلك - يُزوَّد بكل احتياجاته ، كما يتضح من عدد من الوثائق الإدارية التى وجدت في أطلال بابل ، والتى ترجع إلى أيام حكم نبوخذ نصر ، وتذكر يهوياكين باعتباره ملك اليهود .

وكانت غزوات نبوخذ نصر في الغرب بعد 586 ق.م. قليلة الأهمية من وجهة نظر يهوذا ، فحصاره لصور ( 585 - 572 ق.م. ) يشار إليه في نبوة حزقيال ( 26 - 28 ، 29 : 18 ) . أما معركته ضد حيوش أمازيس فرعون مصر فى 568 / 567 ق.م. فيبدو أن حزقيال قد أنبأ بها أيضاً ( حز 29 : 19 ) . ومات نبوخذ نصر فى 562 ق.م. بعد 25 سنة من استسلام أورشليم له .

(4) المبانى التى شيدها : بينما يشتهر نبوخذ نصر الثانى - وبحق - كقائد عسكري فذ ، فإنه كان أيضاً بنَّاءً عظيماً . فقد كشفت الأبحاث الأركيولوجية التى قامت بها البعثة الهولندية برياسة " روبرت كولدواى " ابتداء من 1899 م على أن نبوخذ نصر أعاد بناء بابل وحصَّنها وجعل منها مدينة عظيمة حتى استطاع أن يقول : " أليست هذه بابل العظيمة التى بنيتها لبيت الملك ، بقوة اقتداري ولجلال مجدى !" ( دانيال 4 : 30 ) ، فقد أعاد بناء أكثر من عشرين معبداً فى بابل وبورسيبَّا ، كما أنشأ فى بابل شارعاً مرتفعاً يخترق بابل من بوابة إشتار ليمر به موكب الإله " مردوخ ". كما شيد إحدى عجائب العالم القديم السبع وهى حدائق بابل المعلقة من أجل زوجته أمتيس ، ابنة - استياجس ملك الماديين التى جاءت من بلاد جبلية تغطيها الغابات .

ويمكن أن ندرك شيئاً من فخامة بلاطه مما جاء عنه فى نبوة دانيال ( ص 1 - 4 ) . ويمكن الرجوع إلى مادة " بابل - مبانيها " فى موضعها من الجزء الثانى من دائرة المعارف الكتابية .

(5) نبوخذ نصر كمشرع : يوجد فى المتحف البريطانى لوحة نشرها و.ج. لامبرت ، أ.ى .ميلارد فى 1965 ، تشيد بفضائل أحد الملوك كمشرع وقاضٍ ، لا يمكن أن تنطبق إلا على نبوخذ نصر الثانى . فتنسب إليه مجموعة من القوانين ، وكذلك أوامر لتنظيم المدينة ( والتى من الواضح أنها بابل ) .


(6) الديانة : تدل النقوش التى تركها نبوخذ نصر على أنه كان رجلاً متديناً جدّاً حريصاً على القيام بكل العبادات المفروضة لآلهة بابل . وتحتوي النقوش الطويلة التي تركها على ترنيمتين ، تختم كل منهما بصلاة. وكثيراً ما يذكر التقدمات من معادن نفيسة وأحجار كريمة ، وأخشاب وأسماك وخمور وثمار وحبوب . ويجب ملاحظة أن هذه التقدمات تختلف في نوعيتها والغرض منها عن التقدمات عند اليهود . فمثلاً لا يشير أى نقش من النقوش إلى رش دم ، أو إلى الكفارة ، أو إلى الخطية .

(7) الجنون : لا توجد أى إشارة فى نقوش نبوخذ نصر إلى إصابته بالجنون . ونحن لا ننتظر من أى إنسان أن يذكـــــــر عن نفســـــه أنه أصــــيب بالجنون . ويقول : " لانجدون " إنه ليس لدينا سوى ثلاثة نقوش كتبت ما بين 580 - 561 ق.م. فإذا كانت إصابته بالجنون قد استمرت سبع سنوات ، فالأرجح أنها حدثت بين 580 - 567 ق.م. أو ما بين غزوته لمصر فى 567 ق.م. وموته في 561 ق.م. ولكن إذا كانت "السبعة الأزمنة " ( دانيال 4 : 23 ) هي سبعة أشهر - كما يظن بعض العلماء - وليست سبع سنوات ، فلعل ذلك حدث فى أي سنة بعد 580 ق.م. أو ربما قبلها ، فليس ثمة من يمكنه الجزم بذلك . ويذكر نبوخذ نصر في العمود الثامن نقش بيت الهند الشرقي ، الذى يرجع إلى النصف الأخير من حكم نبوخذ نصر ، شيئاً يمكن أن يؤيد ذلك ، إذ يقول : لمدة أربع سنوات لم يسر قلبي بعرش مملكتي فى مدينتى ، ولم أشيد بناء عظيماً ، ولم أستخرج كنوز مملكتى الثمينة ، ولم أسكب أفراح قلبي لمردوخ إلهي فى بابل مدينة ملكي.

(8) الأحلام : لا توجد أي إشارة فى نقوشه إلى :

أ / حلمه المذكور فى الأصحاح الثانى من نبوة دانيال .

ب / التمثال الذي أقامه في بقعة دورا في ولاية بابل .

جـ / أتون النار الذي نجـــــا منـــــه الفتية الثلاثة ( دانيال 3 ) .

وبالنسبة للحلم ، يمكننا أن نقول إن الإيمان بالأحلام كان منتشراً بين كل الشعوب القديمة ، فلم يكن ثمة ما يستدعى الإشارة إلى حلم بعينه . وحوليات آشور نيبال ونبونيدس وأجزركسيس بها الكثير من الإشارات إلى أهمية الأحلام وتفسيرها . ولابد أن نبوخذ نصر أيضاً كان يؤمن بها .

أما بالنسبة للتمثال ، فإننا نعلم أن نبوخذ نصر أقام تمثالاً لشخصه الملكى ( كما فعل أبوه ) . وكانــــت تماثيل "نبو ومردوخ" موضع على محفات يسيرون بها فى مواكب الاحتفال بالعام الجديد ، وأنه كانت هناك تماثيل للآلهة في كل المعابد ، وأن نبوخذ نصر كان يسجد أمــام هذه التماثيل . فإقامة نبوخذ نصر لتمــثال من الذهب ووضعه فى " بقعه دورا " يتفق تماماً مع ما نعرفه عن تدينه الشديد ،

وقد اكتشف مستر " ج . أوبرت " ( J. Oppert) بقايا منصة حجرية مربعة ضخمة ، علي بعد ستة أميال إلى الجنوب الشرقى من بابل ، لعلها كانت قاعدة تمثال الذهب الذي أقامه نبوخذ نصر فى بقعة دورا (دانيال 3 ) .

أما بالنسبة لأتون النار ، فمن المعروف أن أشور بانيبال ملك آشور يقول إن أخاه " شماش - شوموكين " قد أُحرق فى مثل هذا الأتون .

وعدم ذكر نبوخذ نصر لاسم أحد من الأشخاص المذكورين فى سفر دانيال ، ليس دليلاً على عدم وجودهم، فهو لم يذكر فى نقوشه موقعـــة كركميش مع أهميتها البالغة ، أو حصاره لصور أو لأورشليم . والحقيقة هي أنه ليس لدينا نقوش تاريخية كاملة عن نبوخذ نصر ، وكل ما عثرنا عليه لا يزيد عن سطور قليلة متقطعة وجدت في مصر وبابل . 

نبوخذ نصر في كتاب اليهود

يروي التناخ أن نبوخذ نصر حلم حلما وازعجته افكاره فطلب من حكماء بابل أن لا يفسروا له الحلم فقط بل أن يحكوا له الحلم ولما عجز الحكماء طبعا في أن يخبروه بالحلم قرر أن يبيدهم لولا دانيال اليهودي المسبي الذي صلى إلى الرب إلهه والرب أخبره بالحلم وبتفسيره وهذا الحلم عبارة عن اعجوبه وإليك القصه كلها من سفر دانيال الاصحاح الثاني

1 وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مُلْكِ نَبُوخَذْنَصَّرَ، حَلَمَ نَبُوخَذْنَصَّرُ أَحْلاَمًا، فَانْزَعَجَتْ رُوحُهُ وَطَارَ عَنْهُ نَوْمُهُ. 2 فَأَمَرَ الْمَلِكُ بِأَنْ يُسْتَدْعَى الْمَجُوسُ وَالسَّحَرَةُ وَالْعَرَّافُونَ وَالْكَلْدَانِيُّونَ لِيُخْبِرُوا الْمَلِكَ بِأَحْلاَمِهِ. فَأَتَوْا وَوَقَفُوا أَمَامَ الْمَلِكِ. 3 فَقَالَ لَهُمُ الْمَلِكُ: «قَدْ حَلَمْتُ حُلْمًا وَانْزَعَجَتْ رُوحِي لِمَعْرِفَةِ الْحُلْمِ». 4 فَكَلَّمَ الْكَلْدَانِيُّونَ الْمَلِكَ بِالأَرَامِيَّةِ: «عِشْ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِلَى الأَبَدِ. أَخْبِرْ عَبِيدَكَ بِالْحُلْمِ فَنُبَيِّنَ تَعْبِيرَهُ». 5 فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِلْكَلْدَانِيِّينَ: «قَدْ خَرَجَ مِنِّي الْقَوْلُ: إِنْ لَمْ تُنْبِئُونِي بِالْحُلْمِ وَبِتَعْبِيرِهِ، تُصَيَّرُونَ إِرْبًا إِرْبًا وَتُجْعَلُ بُيُوتُكُمْ مَزْبَلَةً. 6 وَإِنْ بَيَّنْتُمُ الْحُلْمَ وَتَعْبِيرَهُ، تَنَالُونَ مِنْ قِبَلِي هَدَايَا وَحَلاَوِينَ وَإِكْرَامًا عَظِيمًا. فَبَيِّنُوا لِي الْحُلْمَ وَتَعْبِيرَهُ». 7 فَأَجَابُوا ثَانِيَةً وَقَالُوا: «لِيُخْبِرِ الْمَلِكُ عَبِيدَهُ بِالْحُلْمِ فَنُبَيِّنَ تَعْبِيرَهُ». 8 أَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «إِنِّي أَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّكُمْ تَكْتَسِبُونَ وَقْتًا، إِذْ رَأَيْتُمْ أَنَّ الْقَوْلَ قَدْ خَرَجَ مِنِّي 9 بِأَنَّهُ إِنْ لَمْ تُنْبِئُونِي بِالْحُلْمِ فَقَضَاؤُكُمْ وَاحِدٌ. لأَنَّكُمْ قَدِ اتَّفَقْتُمْ عَلَى كَلاَمٍ كَذِبٍ وَفَاسِدٍ لِتَتَكَلَّمُوا بِهِ قُدَّامِي إِلَى أَنْ يَتَحَوَّلَ الْوَقْتُ. فَأَخْبِرُونِي بِالْحُلْمِ، فَأَعْلَمَ أَنَّكُمْ تُبَيِّنُونَ لِي تَعْبِيرَهُ». 10 أَجَابَ الْكَلْدَانِيُّونَ قُدَّامَ الْمَلِكِ وَقَالُوا: «لَيْسَ عَلَى الأَرْضِ إِنْسَانٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُبَيِّنَ أَمْرَ الْمَلِكِ. لِذلِكَ لَيْسَ مَلِكٌ عَظِيمٌ ذُو سُلْطَانٍ سَأَلَ أَمْرًا مِثْلَ هذَا مِنْ مَجُوسِيٍّ أَوْ سَاحِرٍ أَوْ كَلْدَانِيٍّ. 11 وَالأَمْرُ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْمَلِكُ عَسِرٌ، وَلَيْسَ آخَرُ يُبَيِّنُهُ قُدَّامَ الْمَلِكِ غَيْرَ الآلِهَةِ الَّذِينَ لَيْسَتْ سُكْنَاهُمْ مَعَ الْبَشَرِ».

12 لأَجْلِ ذلِكَ غَضِبَ الْمَلِكُ وَاغْتَاظَ جِدًّا وَأَمَرَ بِإِبَادَةِ كُلِّ حُكَمَاءِ بَابِلَ. 13 فَخَرَجَ الأَمْرُ، وَكَانَ الْحُكَمَاءُ يُقْتَلُونَ. فَطَلَبُوا دَانِيآلَ وَأَصْحَابَهُ لِيَقْتُلُوهُمْ. 14 حِينَئِذٍ أَجَابَ دَانِيآلُ بِحِكْمَةٍ وَعَقْل لأَرْيُوخَ رَئِيسِ شُرَطِ الْمَلِكِ الَّذِي خَرَجَ لِيَقْتُلَ حُكَمَاءَ بَابِلَ، أَجَابَ وَقَالَ لأَرْيُوخَ قَائِدِ الْمَلِكِ: 15 «لِمَإذَا اشْتَدَّ الأَمْرُ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ؟» حِينَئِذٍ أَخْبَرَ أَرْيُوخُ دَانِيآلَ بِالأَمْرِ. 16 فَدَخَلَ دَانِيآلُ وَطَلَبَ مِنَ الْمَلِكِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَقْتًا فَيُبَيِّنُ لِلْمَلِكِ التَّعْبِيرَ. 17 حِينَئِذٍ مَضَى دَانِيآلُ إِلَى بَيْتِهِ، وَأَعْلَمَ حَنَنْيَا وَمِيشَائِيلَ وَعَزَرْيَا أَصْحَابَهُ بِالأَمْرِ، 18 لِيَطْلُبُوا الْمَرَاحِمَ مِنْ قِبَلِ إِلهِ السَّمَأوَاتِ مِنْ جِهَةِ هذَا السِّرِّ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ دَانِيآلُ وَأَصْحَابُهُ مَعَ سَائِرِ حُكَمَاءِ بَابِلَ.

19 حِينَئِذٍ لِدَانِيآلَ كُشِفَ السِّرُّ فِي رُؤْيَا اللَّيْلِ. فَبَارَكَ دَانِيآلُ إِلهَ السَّمَأوَاتِ. 20 أَجَابَ دَانِيآلُ وَقَالَ: «لِيَكُنِ اسْمُ اللهِ مُبَارَكًا مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ، لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ. 21 وَهُوَ يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالأَزْمِنَةَ. يَعْزِلُ مُلُوكًا وَيُنَصِّبُ مُلُوكًا. يُعْطِي الْحُكَمَاءَ حِكْمَةً، وَيُعَلِّمُ الْعَارِفِينَ فَهْمًا. 22 هُوَ يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ وَالأَسْرَارَ. يَعْلَمُ مَا هُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَعِنْدَهُ يَسْكُنُ النُّورُ. 23 إِيَّاكَ يَا إِلهَ آبَائِي أَحْمَدُ، وَأُسَبِّحُ الَّذِي أَعْطَانِي الْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَأَعْلَمَنِي الآنَ مَا طَلَبْنَاهُ مِنْكَ، لأَنَّكَ أَعْلَمْتَنَا أَمْرَ الْمَلِكِ». 24 فَمِنْ أَجْلِ ذلِكَ دَخَلَ دَانِيآلُ إِلَى أَرْيُوخَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمَلِكُ لإِبَادَةِ حُكَمَاءِ بَابِلَ، مَضَى وَقَالَ لَهُ هكَذَا: «لاَ تُبِدْ حُكَمَاءَ بَابِلَ. أَدْخِلْنِي إِلَى قُدَّامِ الْمَلِكِ فَأُبَيِّنَ لِلْمَلِكِ التَّعْبِيرَ».

25 حِينَئِذٍ دَخَلَ أَرْيُوخُ بِدَانِيآلَ إِلَى قُدَّامِ الْمَلِكِ مُسْرِعًا وَقَالَ لَهُ هكَذَا: «قَدْ وَجَدْتُ رَجُلاً مِنْ بَنِي سَبْيِ يَهُوذَا الَّذِي يُعَرِّفُ الْمَلِكَ بِالتَّعْبِيرِ». 26 أَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِدَانِيآلَ، الَّذِي اسْمُهُ بَلْطَشَاصَّرُ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْتَ عَلَى أَنْ تُعَرِّفَنِي بِالْحُلْمِ الَّذِي رَأَيْتُ، وَبِتَعْبِيرِهِ؟» 27 أَجَابَ دَانِيآلُ قُدَّامَ الْمَلِكِ وَقَالَ: «السِّرُّ الَّذِي طَلَبَهُ الْمَلِكُ لاَ تَقْدِرُ الْحُكَمَاءُ وَلاَ السَّحَرَةُ وَلاَ الْمَجُوسُ وَلاَ الْمُنَجِّمُونَ عَلَى أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلْمَلِكِ. 28 لكِنْ يُوجَدُ إِلهٌ فِي السَّمَأوَاتِ كَاشِفُ الأَسْرَارِ، وَقَدْ عَرَّفَ الْمَلِكَ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَا يَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. حُلْمُكَ وَرُؤْيَا رَأْسِكَ عَلَى فِرَاشِكَ هُوَ هذَا: 29 أَنْتَ يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ أَفْكَارُكَ عَلَى فِرَاشِكَ صَعِدَتْ إِلَى مَا يَكُونُ مِنْ بَعْدِ هذَا، وَكَاشِفُ الأَسْرَارِ يُعَرِّفُكَ بِمَا يَكُونُ. 30 أَمَّا أَنَا فَلَمْ يُكْشَفْ لِي هذَا السِّرُّ لِحِكْمَةٍ فِيَّ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الأَحْيَاءِ، وَلكِنْ لِكَيْ يُعَرَّفَ الْمَلِكُ بِالتَّعْبِيرِ، وَلِكَيْ تَعْلَمَ أَفْكَارَ قَلْبِكَ.

31 «أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنْتَ تَنْظُرُ وَإِذَا بِتِمْثَال عَظِيمٍ. هذَا التِّمْثَالُ الْعَظِيمُ الْبَهِيُّ جِدًّا وَقَفَ قُبَالَتَكَ، وَمَنْظَرُهُ هَائِلٌ. 32 رَأْسُ هذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. 33 سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ. 34 كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ، فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. 35 فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعًا، وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ، فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلاً كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا. 36 هذَا هُوَ الْحُلْمُ. فَنُخْبِرُ بِتَعْبِيرِهِ قُدَّامَ الْمَلِكِ.

37 «أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَلِكُ مُلُوكٍ، لأَنَّ إِلهَ السَّمَأوَاتِ أَعْطَاكَ مَمْلَكَةً وَاقْتِدَارًا وَسُلْطَانًا وَفَخْرًا. 38 وَحَيْثُمَا يَسْكُنُ بَنُو الْبَشَرِ وَوُحُوشُ الْبَرِّ وَطُيُورُ السَّمَاءِ دَفَعَهَا لِيَدِكَ وَسَلَّطَكَ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا. فَأَنْتَ هذَا الرَّأْسُ مِنْ ذَهَبٍ. 39 وَبَعْدَكَ تَقُومُ مَمْلَكَةٌ أُخْرَى أَصْغَرُ مِنْكَ وَمَمْلَكَةٌ ثَالِثَةٌ أُخْرَى مِنْ نُحَاسٍ فَتَتَسَلَّطُ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. 40 وَتَكُونُ مَمْلَكَةٌ رَابِعَةٌ صَلْبَةٌ كَالْحَدِيدِ، لأَنَّ الْحَدِيدَ يَدُقُّ وَيَسْحَقُ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَالْحَدِيدِ الَّذِي يُكَسِّرُ تَسْحَقُ وَتُكَسِّرُ كُلَّ هؤُلاَءِ. 41 وَبِمَا رَأَيْتَ الْقَدَمَيْنِ وَالأَصَابِعَ بَعْضُهَا مِنْ خَزَفٍ وَالْبَعْضُ مِنْ حَدِيدٍ، فَالْمَمْلَكَةُ تَكُونُ مُنْقَسِمَةً، وَيَكُونُ فِيهَا قُوَّةُ الْحَدِيدِ مِنْ حَيْثُ إِنَّكَ رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطًا بِخَزَفِ الطِّينِ. 42 وَأَصَابِعُ الْقَدَمَيْنِ بَعْضُهَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ، فَبَعْضُ الْمَمْلَكَةِ يَكُونُ قَوِيًّا وَالْبَعْضُ قَصِمًا. 43 وَبِمَا رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطًا بِخَزَفِ الطِّينِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِطُونَ بِنَسْلِ النَّاسِ، وَلكِنْ لاَ يَتَلاَصَقُ هذَا بِذَاكَ، كَمَا أَنَّ الْحَدِيدَ لاَ يَخْتَلِطُ بِالْخَزَفِ. 44 وَفِي أَيَّامِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ، يُقِيمُ إِلهُ السَّمَأوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا، وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ، وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هذِهِ الْمَمَالِكِ، وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. 45 لأَنَّكَ رَأَيْتَ أَنَّهُ قَدْ قُطِعَ حَجَرٌ مِنْ جَبَل لاَ بِيَدَيْنِ، فَسَحَقَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ. اَللهُ الْعَظِيمُ قَدْ عَرَّفَ الْمَلِكَ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ هذَا. اَلْحُلْمُ حَقٌّ وَتَعْبِيرُهُ يَقِينٌ».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق